dimanche, janvier 22, 2012

نقاش تلمذي: أسئلة بريئة وأجوبة غريبة


نقاش تلمذي: أسئلة بريئة وأجوبة غريبة

قد نصف المستوى المعرفي لتلاميذ/ الثانوي التأهيلي في بعض الأحيان بالضعيف، غير أن الأستاذ في أحايين أخرى، يندهش لما يسمعه من التلميذ من أفكار تبدو غريبة بريئة، وقلما يكلف بعض الأساتذة أنفسهم عناء التدقيق و التفكير فيما يصدر عن التلميذ من إجابات، خصوصا في العروض التي يقدمها التلاميذ.

في كل ندوة ينظمها التلاميذ، ينبغي أن يلتزم المدرس بما يلي:

- قبل تنظيم الندوة، تعليمهم منهجية إلقاء العرض، و منهجية النقاش و الحوار، ثم اختيار موضوع ساخن، باقتراح منهم.

- يوم الندوة، كتابة تقرير مدقق، عن كل ما قيل في العرض، وإشعار التلاميذ بالحرية الكاملة في الحوار و الرد و التعقيب و النقد، عدم تدخل الأستاذ إلا بعد نهاية الوقت المخصص للعرض، أو عند الضرورة.

اختار تلاميذ الثانية باكلوريا علوم إنسانية، تقديم عرض حول "الحكم الشرعي للنقاب في الإسلام" في درس الأنشطة، و يأتي هذا العرض في إطار موضوع أصول المعرفة الإسلامية: الاجتهاد، من مقرر التربية الإسلامية.

أعدت العرض " مجموعة" من التلميذات.

يوم العرض؛ استهلت المجموعة عرضها بتقديم " فيديو " يسجل حوارا بين التلميذات و امرأة منقبة.

الابتسامة ترتسم على باقي وجوه التلاميذ.

انتهى الفيديو.

المتدخلة الأولى: تلميذة محجبة تدافع عن النقاب بالأدلة من القرآن و السنة و أقوال العلماء.

المتدخلة الثانية: تلميذة لا ترتدي الحجاب، تدافع هي الأخرى عن النقاب و تطالب النساء بتغطية الوجه فضلا عن سائر البدن.

المتدخلة الثالثة: تلميذة محجبة تدافع بقوة عن النقاب، و تدعو لنساء المسلمين بالهداية.

فرحت كثيرا، لقوة حجتهن و اتفاقهن على رأي واحد، وقلت في نفسي إنها فرصة ثمينة لإشعال لهيب النقاش بين التلاميذ، لأن كل المستمعين للعرض ضد هذا الرأي " تغطية وجه المرأة و كفيها ".

لم أتدخل.

بدأ النقاش.

- السؤال الأول: هل دعوتكن إلى النقاب تشمل جميع النساء بما فيهن غير المتزوجات ؟

- الجواب: نعم، هي دعوة للجميع.

- تقول التلميذة مبتسمة " إيوة كيغيديرو الرجال يتزوجو ببنات مكيشفوهمش".

- إن الله يرزق من يشاء ...الله هو من يزوج.

يبدأ الهمس بين التلاميذ، علامات الاستغراب، تمتمات، ابتسامات ..

- السؤال الثاني: كيف سيتعامل الأستاذ مثلا، مع تلميذة منقبة في الامتحان؟

- الجواب: يمكن أن نعوض الأستاذ بأستاذة، حتى تكشف المنقبات عن وجوههن.

تلميذ في آخر الصف " وراه غيكون في القسم دراري شنو نجريو عليهم ".

- نعم، الدولة عليها أن تبني مؤسسات تعليمية خاصة بالإناث و أخرى خاصة بالذكور..

التلميذات المحاضرات، وضعن التلاميذ في حيرة من أمرهم، و أشعروهم بالعجز، و عدم القدرة على الدفاع عن أفكارهم..

أنصت فقط، لا أتحدث، في داخلي مزيج من الضحك و الاستغراب.

تلميذة تطلب الكلمة، أراها متحمسة لإفحام التلميذات.

- تسأل: هل ستضع المرأة صورتها بالنقاب على البطاقة الوطنية؟

- الجواب: نعم.

- يشتد حماس التلميذة " وراه لكارت نسيونال خص يكون فيها الوجه مكشوف".

- فتأتي الإجابة الصادمة لكل التلاميذ من المنصة: يمكن أن تكتب بجوار الصورة مواصفات المرأة.

اندهش التلاميذ، يريد الجميع أن يرد، كثرت الأصابع، حتى ذلك التلميذ الذي لايسمع له ركزا، في هذه الندوة، تحدث بقوله " وراه حتى داك المواصفات غتفتن الراجل"، فانفجر التلاميذ ضحكا.

بدأت أطرح أسئلة على نفسي: كيف فكرت هذه التلميذة بهذه الطريقة؟ و من ألهمها هذه الفكرة ؟

في هذه اللحظة تدخلت لتنظيم النقاش و توزيع المداخلات.

- تلميذ يسأل: هل ستكون تلك المواصفات حقيقية غير كاذبة؟

أتدرون ماذا كانت الإجابة.

- إن النساء المنقبات الملتزمات بدين الله لن يقلن سوى الصدق.

لم أتمالك نفسي من الضحك، ليس على مضمون الإجابة، ولكنني أرى أمامي، أكثر من ثلاثين تلميذا، عجزوا عن مواجهة ثلاث تلميذات، فازداد التشويق، أي سؤال له إجابة صادمة، فيبحثون عن أسئلة أخرى.

- أحد التلميذات النجيبات عقبت قائلة: روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الوجه و الكفين يمكن للمرأة أن تكشفهما.

- فجاءت الإجابة من المنصة قاطعة: إن الحديث ضعيف لايؤخذ به ! .

نطقت تلميذة بعفوية تامة، تطلب النجذة مني " أستاذ شنو رأيك أنت فهاد الموضوع " .

من خلال هذا المشهد الساخن، من داخل قسم بأحد الثانويات المغربية يمكن الوصول إلى النتائج الآتية:

- مخطئ من يقول إن مستوى التلميذ المغربي في نزول، قد يكون هذا القول على درجة من الصحة، إذا تعلق الأمر بمستوى المعارف المكتسبة عن طريق المطالعة و القراءة، لكن هذا التلميذ على درجة كبيرة من الإقدام والجرأة لطرح أسئلة تبدو غريبة، بمعنى أنه يسأل، ويريد أن يعرف، فقط يحتاج، من يلبي حاجياته المعرفية.

- سرعة تقبل التلميذ للمهارات، و العمل على تطبيقها، فحينما يتعلم مهارات إعداد العرض، و المناقشة و الحوار، و التسيير، إن الأستاذ يقف مشدوها أمام براعة التلاميذ، وبكل صدق، نكتشف تلاميذ، يمكن أن يكونوا في المستقبل، في الإعلام التلفزيوني و الفضائي، فقط يحتاجون للدعم و التوجيه.

- في درس الأنشطة ، لا نحرص كثيرا على التعمق في المعلومات، بقدر ما نحرص على أن يتعلم التلميذ مهارة من المهارات، لأن ذلك هو ما سيمكن من تطوير ذاته و ثقافته، فيصبح فاعلا لا مفعولا به، و منتجا لا مستهلكا، و مشاركا لا متلقيا.


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire