lundi, janvier 16, 2012

«الصـــولـــد» الــــوزاري

تمرد وزراء العدالة والتنمية على البروتوكول الرسمي الذي عمر طويلا في بلد ينال فيه صفة المخزن كل من يمارس مهامه في بناية عليها علم وطني، من حاكم قروي في مدشر

ناء إلى وزير في عاصمة المملكة.
بإمكان المواطن البسيط اليوم أن يلتقي بوزير في شوارع الدار البيضاء وأزقة فاس أو على شرفة سور المعاكيز في طنجة، بعد أن ظلت الرباط سنوات مركزا للقرار، بل حتى حين تصاب شاشة تلفزيوننا بالتشويش نلصق التهمة بالعاصمة ونجمع على أن الخلل قادم من الرباط، فنكف عن ضرب التلفاز.
لم يصدق كثير من المواطنين ما يحدث حوله، فقد أطلقت سيدة زغرودة حين التقت رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران في الشارع العام وهو يقضي أغراضه كبقية الناس، ووقف موظفو وزارة العدل مذهولين حين تناول وزير العدل مصطفى الرميد وجبة الغداء في مطعم المصالح الاجتماعية للوزارة وأدى ثمنه كاش، أو حين جالس وزير الخارجية سعد الدين العثماني شرطيا، حتى خيل للشرطي بأنه أصبح رجل أمن في هيئة القبعات الزرق، أو عندما قام مصطفى الخلفي، وزير الاتصال والناطق الرسمي باسم الحكومة، بمصافحة مخرجة في القناة الثانية، في الوقت الذي كانت حاسة «الصواب» مجمدة في دواخل رئيس القطب الإعلامي المتجمد ورفيقه سليم الشيخ أثناء زيارة تفقدية لمقر القناة الثانية.
بالقدر الذي أحرج وزراء حزب المصباح زملاءهم في الحكومة، وحولوا سعادة الوزير إلى قلق وتعاسة، خاصة عندما رفضوا السيارات الفارهة واختاروا الركوب في سيارات المصلحة، وقرروا الكشف عن ممتلكاتهم، بالقدر الذي يعيش وزراء بقية الأحزاب حالة من الحرج، لأن الـ»بيجيدي» بصدد تبخيس مفهوم الوزير، الذي لا فرق بينه الآن وبين مدير ديوانه، بل هناك من هنأ شخصيات سقطت من لائحة الاستوزار على سلامتها من حكومة تفرغ الوزير من الهمة والشان.
كثير من المحللين السياسيين رأوا في مبادرة بنكيران الرامية إلى إصدار ميثاق للسلوك الحكومي محاولة لتسويق الفعل السطحي، الذي اعتبروه فعلا شكليا وشعبويا لدغدغة  مشاعر طبقات واسعة من الشعب. لكن في جميع الحالات، فإن مصادفة وزير في طابور وكالة لتسديد فاتورة الهاتف أو الماء والكهرباء أو في مخبزة لاقتناء خبز وحلويات دليل على عودة الوزراء إلى القاعدة الشعبية، بعد اغتراب اضطراري دام عقودا من الزمن.
للأمانة، فإن بعض وزراء حكومة عباس الفاسي اقتربوا قبل انتهاء ولايتهم من الشعب، فاقتسم بعضهم كؤوس النبيذ في الحانات مع السكارى ورقصوا إلى الصبح على أنغام مطربين اضطروا إلى تكييف كلمات أغانيهم مع الحدث.. حدث وجود الوزير في لحظة انتشاء. ومن وزراء عباس من نزل إلى ملاعب الكرة وخاض مباريات ودية في رفع ستار مباراة الاستحقاقات الانتخابية.
سيتضرر وزراء الأغلبية من مواقف زملائهم، خاصة أولئك الذي استوزروا وذاقوا طعم الوزارة، قبل أن يدخلوا مع حكومة بنكيران عهد «الصولد الوزاري». ستغضب زوجاتهم  إذا خرج إلى الوجود ميثاق السلوك الجديد الذي يقلّص ترف أعضاء الحكومة، وسيسرح البعض منهم السائقين الاحتياطيين، وسينهون لا محالة عقود الخدم الآسيوي.
وأكبر المتضررين من تمرد وزراء العدالة والتنمية على الأنماط البروتوكولية الموروثة من الصدر الأعظم هم متعهدو الحفلات، لأنه لا جدوى من وضع الزرابي في طريق الوزراء حين يهرعون لتدشين صنبور ماء، ولا داعي للمشوي والمرطبات، فقد يفاجأ الولاة والعمال بوزير يتناول وجبة غداء في أقرب «سناك» للعمالة.
 
 
 
حسن البصري al Massae

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire